كتب: محمد بو حسن كاتب بحريني، نائب رئيس مركز كرزكان الثقافي، رئيس ملتقى القصة بأسرة الأدباء والكتّاب البحرينية.
حين ننظر لتلك المساحة الواسعة التي يتأملها الطفل في إبداعاته وفلسفته الثقافية والفنية، تكون نظرتنا لها نظرة بسيطة وسريعة وسطحية دائماً، دون أن ندرك نحن المثقفين والمتابعين الكبار لمعنى وبعد ذلك العمل، وبذلك نقف هنا لا نستطيع قراءة وتحليل مثل هذه الإبداعات التي تتعلق بمفاهيم ذلك الطفل في تركيزة من خلال توجهه لقيام عمل ما يود التعبير عن مشاعره وعفويته الصادقة، سواء كان عن طريق المسحر أو الرسم للوحة معينة، أو حتى لكتابة معينة يريد التعبير عن عالمه الخاص باعتباره المفتاح الأول لذلك المكنون المتمثل في دخيلته.
وهنا ينبغي منا أن نكون دائما متجاوبين ومشجعين لتلك الإبداعات المختزنة والتي تجعل من الطفل منتجا في مجتمعه أو مدرسته مهما كانت هواياته وميوله القريبة منه وإن تبعثرت هنا أو هناك لكن لا بد من بؤرة محددة يجتمع فيها هذا المجهود ليستطيع من خلالها صنع وتكوين ما يريده، فطموحات الطفل لا تتوقف عند حد معين وإن كان ذلك الطموح يمزج بين إبداعاته الأساسية ورغباته العفوية التي من خلالها يرسم طريقه الممهد لبناء شخصيته الحياتية والمستقبلية بما فيها الأدبية في تذوقه للعالم من حوله.
نعم نحن مراقبين ومتابعين لذلك المفهوم العلمي الذي يُعنى بالطفل بالدرجة الأولى، حيث يهمنا ذلك ويحتم علينا معرفة سياق تلك المهام في واجباتها الإرشادية والعلمية والتربوية والتي تقتضي منا متابعة تلك المواهب الصغيرة البريئة في عالمها الإبداعي الغير محدود لتمكينها من التعبير عن ذاتها وهو ما يوفر لتلك الموهبة أسس النجاح والمضي قدما.
ذلك ما يؤكد عليه علماء الأدب المعرفي في دراسة وتكوين شخصية الطفل في بنائها وبروزها موهبتها. فيظهر لنا عمالقة وقامات مشهورة كمثل الأديب الفيلسوف د. مايكل بريتشارد، كاتب مقال فلسفة للأطفال على موسوعة ستانفورد، كان قد طرح سؤالا مهما جدا يقول فيه: ماذا لو كان الأطفال قادرون على التفكير الفلسفي أم لا؟
ولو عدنا لبحث ومعالجة مسألة العلاقة بين الطفل وفلسفته الإبداعية، نرى هناك أيضا العديد من النظريات يختلف مفهومها وعلاقتها بالطفل ولم يتم حسمها لتتخذ تعريفا معينا تجاه تلك الفلسفة الإبداعية لدى الطفل، ((كما أشار فيليب أرييس Philippe Ariès في دراسته المشهورة عن صورة الطفل والحياة الأسرية في ظل النظام السياسي الفرنسي القديم أن التمييز بين الطفل والراشد لم يكن حاصلا طوال العصور الوسطى إذ كان يُنظر إلى الطفل على أنه راشد صغير لا يتجاوز عمره المائة سنة))، وحتى عندما تشكل مفهوم الطفولة تدريجيا ولاحقا في الفترة المعاصرة ظل مسرحا لأكبر التناقضات النظرية.
في واقعنا المعاصر نستطيع أن نقول: بأن للطفل شخصية اعتبارية حيث يحق له احترام كامل حقوقه المدنية كأن يتمتع بحق اللعب والتعليم والصحة بما في ذلك تحييده أثناء الصراعات والحروب وألا يكون ورقة ضغط بيد أي طرف كان، فمن حقه كأي إنسان العيش بسلام وألا يتم توريطه في مشاكل الكبار في الحرب أو السلم، وهذا طبعا عبارة عن معيار أممي كما نصت عليه (اليونسف) في شرعتها الدولية.