جرت العادة في شهر سبتمبر من كل عام، أن يقيم معهد الشارقة للتراث "ملتقى الشارقة الدولي للراوي" على أرض إمارة الشارقة الطيبة، ليحتضن في طياته العديد من الرواة من مختلف أنحاء العالم. لكن هذا العام، وعوضاً عن الالتقاء المباشر، تمت إقامة الملتقى على المنصات الافتراضية بسبب الظروف الصحية الحالية بسبب وباء فيروس كورونا.
فقد افتتح معهد الشارقة للتراث على منصته الافتراضية فعاليات الدورة العشرين من ملتقى الشارقة الدولي للراوي برعاية كريمة من صاحب السمو حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وذلك يوم السبت الماضي الموافق 26 سبتمبر 2020م.
وقد حمل الملتقى لهذا العام شعار: "الاحتفال بالعشرين"، واستضاف عبر منصته الافتراضية العديد من الشخصيات العالمية والعربية المؤثرة ثقافياً، والمهتمة بتسليط الضوء والمحافظة على التراث المعنوي غير المادي. وكان هناك حضورٌ مميز للوجوه البحرينية الثقافية، والتي تشرفت أن أكون أحدها، بالإضافة إلى الدكتورة أنيسة فخرو، والكاتب إبراهيم سند، والباحث إبراهيم الدوسري، والدكتور راشد نجم، والحكواتية المخضرمة هيا عبد الله، والحكواتية أميرة الزرقاوي.
ويعد هذا الحضور استمراراً للمسيرة البحرينية وحرصها على التواصل الثقافي مع المحيط الجغرافي، والتواجد في الملتقيات الثقافية على المستويين العربي والدولي، وإن ملتقى الشارقة الدولي للراوي يعد من أهمها، وكان للمثقفين والدارسين البحرينيين نصيبٌ أيضاً في الحضور وترك بصمة مميزة في الدورة السابقة التي عايش فيها الرواة والحضور من مختلف أنحاء العالم، ليالي ألف ليلة وليلة مرةً ثانية بعد أن أيقضها معهد الشارقة للتراث من سباتها، لتسحر أعلام الأدب من كتّاب ونقّاد وأكاديميين بسحر قصصها العجيبة، ولتلهم شهرزاد الحكواتيين من مختلف أنحاء العالم مهارة السرد ومَلَكَة الامتاع، ولكن هذه المرة بدل أن يكون هناك شهريار واحد متلهف لسماع أحلى وأغرب القصص، صار هناك مئات المتلهفين، صغاراً وكباراً!
وعلى أنغام المقطوعة الموسيقية الشهيرة "شهرزاد"، والحكايات العجيبة التي سردها باقة من الحكواتيين العرب نساءً ورجالاً، افتتح سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فعاليات الملتقى الذي قدّم على مدى ثلاثة أيام العديد من المحاضرات والندوات الثقافية، والفعاليات الجماهرية، وكثيرٍ من الأنشطة التي تستهدف الأطفال خاصة. وقد سُعدت لتلبية الدعوة للحضور والمشاركة وتقديم العديد من فقرات سرد حكايات ألف ليلة، والتفاعل بشكل مباشر وفعّال مع الأطفال، ومحاولة تبينان جمال الإرث الثقافي والحكائي الذي تحمله الثقافة العربية، ودعوتهم للحفاظ عليه والاعتزاز به.
وإن ذكرياتي في هذا الملتقى، لهي من أجمل الذكريات في مسيرتي الأدبية، حيث كانت فرصة ذهبية للالتقاء بمختلف الأكاديميين والباحثين والرواة والمهتمين عموماً بالإرث اللامادي من مختلف العالم، والاستفادة منهم، وتبادل الخبرات الثقافية والأدبية. كما كانت تجربة رائعة وممتعة بحضور العديد من المحاضرات والفعاليات الترفيهية والثقافية المصاحبة، بالإضافة إلى الاستمتاع برؤية الديكورات المبهرة والضخمة التي صاحبت "ثيمة" الملتقى في ذلك العام، والتي كانت مستوحاة من "ألف ليلة وليلة".
وفي الختام أوّد أن أوجه الشكر للقائمين على معهد الشارقة للتراث، ولمنظمي
ملتقى الشارقة الدولي للراوي على إصرارهم إقامة الملتقى، والحرص على استمراريته
حتى مع الظروف الاستثنائية لهذا العام. وأشد على أيديهم لمواصلة هذا العطاء الجميل
والمهم في المحافظة على مختلف أنواع الإرث الثقافي، ومن أهما الإرث المروي المعنوي.
ندى فردان
2020-10-01م