عصارة القراءة

في عملي أصادف الكثير من الأطفال المميزين والطامحين لتنمية فكرهم، فتكون نصيحتي الأهم لهم بأن بالحرص على القراءة، ومواصلة الاطلاع على الكتب المختلفة، لتزداد حصيلتهم اللغوية، وينتعش محصولهم الثقافي والمعرفي، وتتفتح عيونهم على آفاقٍ وأفكارٍ مستنيرة.

ولكن في الحقيقة، ومع التقدم في العمر، وكثرة المعلومات التي تمر على الإنسان، قد يسرق النسيان الكثير من الفائدة من تلك القراءات، ولكن كما نجد أن هناك طرقاً لإطالة عمر رحيق الورد بعصره وتحويله إلى عطرٍ، وتمديد الاستفادة من الزيتون بعصره والاحتفاظ بزيته ذي الفوائد جمّة، فإن هناك طرقاً لحفظ عصارة هذه القراءات، ومن أهمها التدوين.

وإن الكتب ما هي إلا تدوين للأفكار والمعلومات، والفرد لا يحتاج إلى مطبعة فاخرة لكي يصنع كتاباً يحفظ فيه حصيلته القرائية.

فأذكر أنني حينما كنت في فترة المراهقة، قررت ألا أجعل تلك القراءات تذهب سدىً، فانكببت على حفظها وجمعها وتدوينها. حيث قصصت المقالات التي أعجبتني من الجرائد والمجلات، ولصقها في صفحات مرتبة، ومن ثم وضعها في ملف كبير، وأضفت إليه العديد من الأوراق التي دوّنت فيها المعلومات. كما حرصت على تصنيف المواضيع وتقسيمها إلى أجزاء، فكانت النتيجة أنني صنعت موسوعتي الخاصة التي تعدّت صفحاتها الـ 200 صفحة!

ونحن الآن في عصر بلغت فيها التكنولوجيا مستوياتٍ عاليةٍ جداً، وبوجود الانترنت وفتحه الآفاق للوصول إلى الكتب، والموسوعات، والمدونات، والأبحاث، والفيديوهات، والأفلام وغيرها، بات الحصول على المعلومة سهلاً جداً، وكذلك حفظها. وبات التحدي الحقيقي هو غربلة هذه المعلومات الهائلة، والتركيز فقط على نواحٍ معينة. فالهدف في النهاية أن يحاول المرء الاستفادة من قراءاته، وأن يعود إليها كلما عاز ذلك.

ندى فردان

2020-09-16م


لنكن مثل علاء الدين!