الحب من أول صفحة
ميول الإنسان في صغره كالصفحة البيضاء، فهي تمتلئ بألوان ريشة التجارب التي يمر بها.
وفي حياة الإنسان المليئة بالتجارب، هناك دائماً أول مرة لكل شيء. أول مرة يذهب إلى المدرسة. أول مرة يركب طائرة. أو قد يكون أول مرة يتناول سوشي!
وقد يحدث أن تترك تجربة شيء "أول مرة" انطباعاً مبهراً على الإنسان. ألم نسمع عن "الحب من أول نظرة". بل حتى إن الكارتون الشهير "توم وجيري" قد استعرض مرةً الأمومة من أول نظرة، حيث يحدث أن تفقس بيضة البطة تحت القط توم، وما إن تقع عينا البطة الصغيرة على توم حتى تناديه "ماما"!
وبما إن مرحلة الطفولة تعد مرحلة استكشاف، لذا نجد أنها مليئة بتجارب "الأول مرة" التي تصقل شخصية الطفل، وتساعد في تشكيل ميوله واهتماماته، وقراءة الكتب ليست ببعيدة عن كل ذلك.
فعلى سبيل المثال، جيل "أنا عامر أختي أمل"*، هو الجيل الذي تعلّم القراءة لأول مرة عبر عائلة عامر، فبقيت أفراد العائلة كلها عالقة في أذهانه. ورغم أن "جيل الطيبين" هذا -كما نسميه الآن- قد قرأ الكثير من الكتب أثناء المراحل الدراسية المختلفة، إلا أن كتاب اللغة العربية للصف الأول ظل يحتل مكانة خاصة في الذاكرة.
وبالنسبة لي، كان هناك كتابان آخران قد أهدتني إياهما معلمتي للصف الأول الأستاذة "مريم حميدان" قد أثرا فيَّ كثيرا، وكانا ومازالا يحتلان مكانة خاصةً في قلبي.
كتابا "الحياة في الغابة" و "الحياة على شاطئ البحر"، كانا أول هدية أحصل عليهما نتيجة تفوقي الدراسي، فما أعظمها من هدية، وما أعظم أثرها على طفلة لا يتعدى عمرها السابعة، كيف لا وقد وقعت في حب الكتب العلمية حينها من أول صفحة!
بل إني أجزم أن ميولي العلمية قد بدأت نتيجة انبهاري بهذين الكتابين الرائعين، واللذين لا يزالان يعجّان بالمعلومات المفيدة، والصور الرائعة، والرسوم المتقنة، التي ما زال لها القدرة أن تفيد أي طفل ينتمي إلى هذه الألفية!
الانطباع الأول له تأثيرٌ كبير على الطفل، لذا
فإنه من المهم أن يكون اختيارنا للكتاب الذي يطلّع عليه أبناؤنا في بداية تعلّمهم
للقراءة اختياراً يراعي جودة الكتاب من ناحية المحتوى والمضمون، وأن يكون ممتعاً
وبأسلوبٍ سلس حتى يتولد في داخلهم شغف القراءة.
*"أنا عامر أختي أمل" جملة مأخوذة من كتاب القراءة للصف الأول في مملكة البحرين لجيل الثمانيات.
ندى فردان
28-06-2020