هل للحج من سبيل؟

هل للحج من سبيل؟


الحج في اللغة يعني قصد مكانٍ ما، أما في الاصطلاح (عند المسلمين) فهو قصد بيت الله الحرام لأداء مناسك محددة.

والإنسان منذ الأزل وهو في صراعٍ دائمٍ في هذه الدنيا، فتارةٍ يتمسك بالخير، وتارةً الشر يتملكه. لذلك فهو يدرك أن روحه قد تتدنس بالخطايا، ومن هنا جاءت حاجته إلى ما يكفّر عن تلك الزلات، فنجد أن الكثير من الأديان مثل: الإسلام، اليهودية، المسيحية، الهندوسية، البوذية، السيخ، بل وحتى ديانة الشنتو (في اليابان)، كلها دياناتٌ تحتضن في كنف طقوسها مناسكاً للحج إلى مكان ما يعتقد في الحاج أنه يقصد رضا الرب، فيطلب الغفران ويأمل بمسح ذنوبه.

ومع استمرار أزمة جائحة كورونا (فيروس كوفيد 19)، وازدياد أعداد الإصابات، وصعوبة السيطرة على المرضى في بلدٍ واحد، فما بالك لو تم استقبال الملايين من أقطار العالم أجمع؟ ولهذا شاء القدر أن يقتصر الحج هذا العام على المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية، وتقول الأنباء أن أعدادهم لن تتجاوز العشرة آلاف حاج.

وإن كان هذا العام قد تعذّر على المسلمين في العالم قصد مكة لأداء فريضة الحج، فإنه يجب ألا يغفل عليهم القصد الأهم ألا وهو قصد رضا الله، وعمل الخير، واجتناب المعاصي. ورغم قدسية البيت الحرام وهيبته، إلا أن عدم القدرة للوصول إليه لا يعني أننا لا يمكن أن نتواصل مع رب هذا البيت.

فماذا لو قلّدنا مناسك الحج: الإحرام، الطواف، السعي، الوقوف، المبيت، رمي الجمرات، والأضاحي، فهل يكون هذا هو السبيل؟

ماذا لو أحرمنا عن الكذب والحقد والنفاق والنميمة؟ ماذا لو طفنا على بيوت المحتاجين وآتيناهم حاجتهم؟ ماذا لو سعينا لبناء أمتنا بالعلم والمعرفة، أو سعينا لتصفية القلوب والصلح بين الناس؟ ماذا لو وقفنا عند أخطائنا وأصلحنا أنفسنا بدل أن ندقق في عيوب الآخرين؟ ماذا لو رمينا هفوات أحبائنا خلف ظهورنا وعفونا عنهم؟ ماذا لو قدمنا التضحية لأبنائنا وربيناهم أحسن تربية؟ ألا نكون بذلك حججنا إلى الرب الذي يدعونا لأن نكون أخياراً؟

ندى فردان

29-7-2020


القصص ورحلاتٌ حول العالم